الخميس، 12 يوليو 2012

أرقام مضللة لدخل المواطن تعصف بالطبقة الوسطى


حذر محللون اقتصاديون من اعتماد الأرقام والإحصائيات التي تظهرها الدراسات الاقتصادية لعدد من المؤسسات الدولية كالبنك والصندوق الدوليين أو حتى مراكز الأبحاث العربية، حول متوسط دخل الفرد السعوديين كمرجعية موثقة ودقيقة.

وقال المحللون وفقا  لصحيفة الاقتصادية إن تلك الأرقام ''مضللة''، وغير دقيقة ولا تعكس الواقع الحقيقي للملاءة المالية للأفراد، مشيرين إلى أنها في الغالب تسعى لإقناع المسؤولين وتضر بمصلحة المواطنين.

وأبانوا أن الطبقة المتوسطة في السعودية تنكمش تدريجيا، وهو مؤشر خطير وبحاجة إلى معالجة عاجلة قبل أن تفاقم الأزمة وتصل إلى نقطة اللاعودة، كما أن تلك المؤشرات تعتمد على نسبة الناتج الإجمالي للبلد إلى عدد السكان، فتظهر نموا مطردا دون أن ينعكس ذلك على واقع دخل الأفراد.

المحلل الاقتصادي فضل البوعينين يؤكد أن المؤشرات الاقتصادية في الغالب لا تعكس الواقع، لذا من الخطأ التركيز على دخل الفرد وكأنه من المؤشرات، التي تعكس ملاءة الفرد ودخله الحقيقي؛ فزيادة دخل الفرد بحسب المؤشرات والبيانات العالمية المعلنة لا تعني أن هناك تغيرا قد طرأ على الدخل الحقيقي للأفراد في السعودية، ولكنه يعكس الصورة العامة لحجم الناتج الإجمالي والحصة التي يفترض أن يحصل عليها الفرد، وفق معادلة الدخل الافتراضية. ووصف المحلل الاقتصادي مؤشرات ''دخل الفرد'' بالمؤشرات المُضللة التي تسعى لإقناع المسؤولين وتضر بمصالح المواطنين، الذين لم يلاحظوا نموا حقيقيا في مداخيلهم باستثناء بعض الزيادات الطفيفة، التي يقابلها نمو وتضخم في الأسعار.

وعزا البوعينين ارتفاع معدل دخل الفرد في أرقام مؤسسات الأبحاث إلى ارتفاع أسعار النفط خلال النصف الأول من العام الحالي، معتقداً أن ذلك هو المتغير الأهم في المعادلة، معتبراً إياها مؤشرات تعكس ارتفاع الدخل الحكومي أكثر من كونها ارتفاعاً حقيقياً لدخل الفرد. وأضاف قائلاً: أعتقد أن الدخل الحقيقي للأفراد لم يطرأ عليه أي تغيير، كما أن الظروف المعيشية لم تتحسن برغم زيادة حجم الناتج الإجمالي، وزيادة الدخل الحكومي، بل إن غلاء المعيشة تسبب في تقليص قدرات المواطنين، وهذا أمر ينبغي التركيز عليه، بدلا من الاحتفاء ببيانات ''دخل الفرد'' المضللة، ومن هنا يجب أن نميز بين البيانات الاقتصادية المرتبطة بدخل الفرد وبين الدخل الحقيقي الذي يحصل عليه.

 

وأكد البوعينين أن قوة الاقتصاد يجب أن تنعكس إيجابا على معيشة المواطنين، وهذا أمر ينبغي التركيز عليه، وأضاف ''الفريق الاقتصادي برغم الوفرة المالية وتضخم الاحتياطيات النقدية لم ينجح حتى اليوم في رفع مستوى معيشة الفرد السعودي، كما ينبغي، من خلال خلق فرص وظيفية، وتنويع قطاعات الإنتاج، بل استمر في عمله التقليدي، الذي يكون أقرب إلى الإدارة المالية منه إلى التنمية الاقتصادية المستدامة التي نبحث عنها منذ الخطة الخمسية الأولى.

 

واعتبر المحلل الاقتصادي أن هذا أمر لا يمكن القبول به مع الميزانيات الضخمة والإرادة الحكومية لتحسين المستوى المعيشي للمواطنين، وما زلنا في حاجة ماسة إلى إدارة حقيقية للاقتصاد والإدارة الاقتصادية الناجحة هي التي تستطيع توسيع حجم دائرة الطبقة الوسطى في المجتمع، وبالتالي تقليص حجم الطبقة الفقيرة، وما يحدث لدينا الآن هو العكس. وأوضح أنه إذا ما أردنا تحليل البيانات الاقتصادية فيجب أن نحللها على أرض الواقع بعيدا عن فذلكة البيانات، التي يستغلها بعض الاقتصاديين للتأكيد على نجاحهم في عملهم، في الوقت الذي لا تعدو أن تكون تلك البيانات انعكاسا مباشرا لارتفاع أسعار النفط وحجم الصادرات.

معتبراً أن المواطنين يولون جل اهتمامهم للمسائل المتعلقة بالتضخم، والبطالة، وحجم تملك المساكن، وتنويع مصادر الدخل، وتنوع قطاعات الإنتاج من المؤشرات، التي نريد أن نركز عليها أكثر لمعرفة قوة الاقتصاد وانعكاسات الدخل المباشرة على المواطنين.

محمد العنقري محلل اقتصادي اتفق من جانبه مع كثير مما قاله البوعينين، وأضاف ''أرقام وإحصائيات دراسات متوسط الدخل للأفراد تعتمد على تقسيم الناتج المحلي على عدد السكان مشدداً على ضرورة فهم هذه الأرقام بشكل أدق كونها توضح معدلات النمو في الاقتصاد الوطني وليست بالضرورة انعكاسا للوضع الاقتصادي للأفراد''.

 

وأبان العنقري أن حجم الطبقة المتوسطة في المملكة يجب أن يتسع تبعا لارتفاع الناتج المحلي الإجمالي وتنامي إيرادات الدولة، في حال تم تنفيذ برامج الخطط الخمسية بشكل ناجح، ما يساهم وبشكل رئيسي في تقليص دائرة الطبقات الدنيا.

 

وأضاف المحلل المالي قائلاً: إن الدولة تقوم بتوزيع الدخل من خلال قطاعات التعليم والصحة وغيرها ليصل للمواطن بطريقة محددة، فعلى سبيل المثال يكلف الطالب الجامعي الدولة مائة ألف ريال سنوياً ما بين مكافآت وتشغيل الجامعات وأعضاء هيئة التدريس، إضافة إلى خدمات الرعاية الصحية واستفادة المواطن من دعم قطاع الطاقة.

وأشار العنقري إلى أن الوصول لهذه الأرقام، التي خرجت بها تلك الدراسات يجب أن يتناول إنتاجية الفرد في مجتمعه، فارتفاع إنتاجية الفرد في القطاع الخاص ينعكس وبشكل إيجابي على تحسين مستوى الدخل، ويحقق ثباتاً واستقراراً لمستواه المعيشي، فالزيادة في الراتب يجب أن تكون مقرونة بزيادة الإنتاج، وبالتالي يزيد الإنفاق، ما يسهم في تحسين دورة وعجلة الإنتاج.

من ناحيته، قال الدكتور عبد الرحمن السلطان إن متوسطات الدخل في الدول الإنتاجية في العالم لا تعد دقيقة، ولا يتم الاعتماد عليها كثيرا، فما بالك تلك الأرقام، التي تنتجها الدول الريعية كالسعودية مثلا، فمن المؤكد أنها ليست فقط غير دقيقة، بل هي مضللة.

وأضاف ''طريقة حساب متوسط دخل الفرد بالاعتماد على دخل الدولة ليس منطقيا وغير مبرر، خصوصا في الدول التي تعتمد في مداخيلها على النفط أو سلعة محددة. فالناتج الإجمالي في المملكة معظمه يأتي من النفط، وليس هو الناتج الحقيقي للفرد السعودي''. وبين السلطان أنه ليس هناك أي مبرر لقيام بعض المؤسسات الدولية لأرقام حول متوسط دخل الفرد السعودي بالاعتماد على أرقام إيرادات الدولة، مشيرا إلى أنه ولحسابه بطريقة صحيحة يجب تجنيب تلك المداخيل وتقسم الإنتاج الحقيقي على عدد السكان.

وقال السلطان إن مثل تلك الأرقام يجب أن تتم من خلال الاستطلاعات، التي تقوم بها أجهزة الإحصاء في الدولة، عبر استطلاع عينات واسعة من المجتمع على أرض الواقع، وبالمحصلة سيكون هذا أقرب للدقة، ويمكن بناء دراسات عليه أو حتى قرارات.


المصدر : الاقتصادية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق