الجمعة، 11 مايو 2012

يا شيخ عبد المحسن.. فقط أغلق الباب

بسم الله الرحمن الرحيم

يبدو أن الشيخ عبد المحسن العبيكان بلقائه الأخير قد ألقى حجراً في المياه الآسنة الراكدة فحرّكها وفرّق بعوضها وذبابها ونشر طنينه وأنينه في فضائها، وما زالت أصداء هذا الطنين مغمغمة في سماء الصحف التي تدّعي الحرية ومحاربة الإقصائية والأحادية حتى اليوم، بدءاً بديناصوراتها الجاثمة على صدرها، وانتهاءً بسفهائها الراضعين من لبان شرها وغدرها وخبثها ومكرها، المتسلقين بحبل النفاق والفتنة والشقاق على أدب الكتابة والمقالة، المتوصلين به إلى أدنى دركات الخسة والنذالة والعمالة..
أجزم الآن أن شركاء المؤامرة قد أشاروا بأيديهم إلى أنفسهم، وأثبتوا أن ما قاله العبيكان في جملته حق وصدق، وبالأخص ما يتعلق بأسماء الصحفيين الذي يستلمون الملايين، لأننا لا نجد تفسيراً آخر مقنعاً يبرر حربهم الجائرة التي أداروا رحاها ولم يدخروا فيها سهماً مسموماً ولا سلاحاً محرماً إلا استخدموه وهم في مقابل رجل واحد أعزل من السلاح محروم من الدفاع عن نفسه ولو بالكلام!!
ومن أراد أن يتعرف على هؤلاء الشركاء وأذنابهم فما عليه إلا أن يتتبع كتاباتهم وتصريحاتهم ويسجل أسماءهم ويضعها في قائمة العمالة والتغريب والمؤامرة التي أشار إليها العبيكان، لأنهم ما جعجعوا إلا لما توجعوا، وما تكلموا إلا لما تألّموا..
هذا الفجور في الخصومة الذي هو من صفات المنافقين يدل على تورطهم بلا شك، ويدل أيضاً على أن الشيخ أصاب منهم مقتلاً وجاءهم من جهة كانوا يظنونها مأمونة جدا..
ويدل كذلك على أن المنافقين لا أمان لهم ولا صاحب، وأن عندهم لكل مخالف سجلاً جاهزاً يبرزونه إذا شعروا بخطره، تماماً كما يفعل اليهود في سياساتهم مع حلفائهم في الغرب والشرق..
وقد نشروا صفحات من سجل العبيكان وعرضوا بعض مواقفه وفتاواه السابقة مما لم يوافِقه عليه العلماء، كموقفه من الحاكم العسكري الأمريكي في العراق وفتواه بجواز حل السحر بالسحر، هذه المواقف وتلك الفتاوى التي كانت عندهم من الحسنات المنشورة والمناقب المذكورة المشهورة، وباركوها وصاحبها كل هذه الدهور.. أصبحت الآن مثالب ومخازيَ تُساق مساق القدح والذم وتقدم كأدلة وشهادات على انحراف صاحبها!!
العبيكان الذي كان محظياً ومقدماً عندهم يطيرون بآرائه وينشرونها ويصفونه بالفقيه المستنير والشيخ الجريء والمفتي العصري أصبح فجأة وبين عشية وضحاها: (المدعو عبد المحسن)!.. (المصاب بالانفصام)!.. (الباحث عن المنصب)!.. (المثير للفتنة)!.. (الجدير بوصف المنافقين المذكور في قوله تعالى: "فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون")!.. كل هذا يقال علناً عن مستشار بالديوان الملكي بمرتبة وزير ما يزال على رأس عمله!! فأي جرأة وسابقة هذه.. وأي سلطة وحماية يملكها هؤلاء؟!
ولا عجب فهذه صحفهم ويعلمون أنها قراهم المحصّنة المحرمة على غيرهم، وأنهم في مأمن من وراء جُدُرها يقاتلون من يشاؤون دون أن يُسمح لم خالفهم أن يتسوّرها عليهم..
ومهما يكن من شيء فإنني لا أرى هذه الفتنة إلا خيراً لمجتمعنا وللعبيكان نفسه، لأنها كشفت القناع وأزالت الغشاوة عن بقية من لم خدع بزخارف قولهم وبهارج إفكهم، فما قاله لم يكن جديداً بل هو _وأكثر منه_ مما يتداوله الناس في مجالسهم، وكان حديثه سيمر عفواً ويذهب أثره مع كثير من التصريحات الجريئة التي تنشر هنا وهناك، لكن ردة الفعل الكبيرة التي أعقبت تصريحات العبيكان تظهر بجلاء أن أصحابها تواصوا بها واتفقوا عليها وحاكوا خيوطها ودبروها تحت أستار الليل.. وليست هذه بأولى مؤامراتهم.. وكل ذلك ينبه الغافل على أن المسألة ليست مجرد اختلاف..
إنه حق علينا أن نشكر الشيخ عبد المحسن على صواعقه المحدقة لأنها حقاً أحرجت أهل الفسق والزندقة وأخرجتهم من غرفهم المظلمة المغلقة.. وأن نقول له: قَرَّ عيناً ونم هادئاً أيها الشيخ الأمين، فقط أغلِق الباب فإنهم ذباب ولا يملك الذباب إلا الطنين..
ولست ممن يخوض في نية الشيخ وبواعث مقالته فحسابه على الله، لكنني أجزم أن ما قاله تلوح منه أمارات الصدق وتشهد له مجريات الأمور.. فما أمر اللجنة القضائية في وزارة الإعلام وأهدافها ولا الوفد النسائي الذي رافق وزير العدل إلى أمريكا ولا إنشاء كليات الحقوق في الجامعات ولا التصريح لمحاميات من النساء ولا السماح بمشاركة نسائية في الأولمبياد.. إلخ بأسرار أفشاها العبيكان بل هي مما كان ولا يزال موضع كثير من النقد والنقمة الشعبية وسبباً لكثير من علامات الاستفهامية والتعجبية..
وأختم فأقول: إذا كان اللبراليون في الغرب ينادون بقيم الحرية المطلقة ويعلنون الحرب على الفساد.. فإن دعاة اللبرالية عندنا ليسوا سوى (لوبي) يمارس الإقصائية المفرطة ويحرس الفساد وأرباب الفساد، و(مافيا) تعتمد التصفية عند أدنى نزاع، وهذا دليل على أن دخول هؤلاء المنحرفين في خندق اللبرالية لم يكن حباً فيها ولا اقتناعاً بمبادئها، ولكن نكاية بالإسلام وحرباً على أهله وتحالفاً مع أعدائه، وأنهم ليسوا سوى عملاء أُجَراء، وشرذمة من الشهوانيين المتسكعين المولعين بمواخير الغرب ولياليه الحمراء..
من أجل هذه النزوة الشيطانية اخترعوا ليبرالية خاصة لا توجد في أي مكان آخر، وفصّلوا حريتها على مقاس خاص لا يسَع غيرهم، وجعلوا سقفها على قدر رؤوسهم دون ما سواهم، وحرزوها بلجنة قضائية تجعلهم في مأمن من أي دعوى احتسابية، ليمارسوا من خلالها أعظم احتكار ووصاية إعلامية عرفها العالم الحديث لفرض ما يخطه لهم أربابهم في الخارج من توصيات غادرة ودسائس ومؤامرات ماكرة..
نسأل الله أن يجمع كلمة المسلمين على الكتاب والسنة، وأن يوفق ولاة الأمر إلى القضاء على أهل النفاق والشقاق والزندقة والتغريب والفتنة..
كتبه : الشمردل من كتّاب الشبكة الإسلامية الحرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق