الاثنين، 30 يناير 2012

رجل الديك تجيب الديك

الرؤوس الكبيرة والصغيرة!

2012-01-30 نقلت صحيفة الحياة تصريح معالي رئيس هيئة مكافحة الفساد محمد بن عبدالله الشريف لقناة دليل الذي نفى فيه تغاضي الهيئة عن الرؤوس الكبيرة في قضايا الفساد واتجاهها إلى الرؤوس الصغيرة مثل مدير مستودع أو موظف في درجة بسيطة كما حدث في قضية تسريب بعض الأمصال والأدوية، حيث قال «المكافحة تشمل الرؤوس الكبيرة والصغيرة ولا تستثني كائنا من كان كما جاء في توجيهات خادم الحرمين الشريفين»، ثم أشار إلى أن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد تقول بأن الجميع شركاء في مكافحة الفساد وحماية الأموال العامة سواء كانوا مسؤولين أم مواطنين أم علماء أم إعلاميين!ونحن نسأل الله أن يعطي الهيئة القوة والصحة على مناطحة رؤوس الفساد بمختلف مقاساتها فمصداقية هيئة مكافحة الفساد لن تنشأ إلا من خلال طبيعة الملفات التي سوف تكشف عنها وحجم الرؤوس التي تقف خلف هذه الملفات، فالمواطنون لا يرون بأسا في جهود الهيئة خلال عملية الكشف عن الأدوية والأمصال المسربة من مخزن للشؤون الصحية في إحدى المناطق إلى الأسواق، ولكنهم لا يرون في ذلك خطوة كافية للإعجاب بعمل الهيئة، لأن مقاس رأس الفساد هنا «سمول».. وهم يريدون مقاس «إكس لارج»! عموما مقاسات الرؤوس مسألة نسبية ومتقلبة وتختلف من شخص إلى آخر، فأنا على سبيل المثال إذا داهمني الصداع أشعر بأن رأسي أصبحت كبيرة فأقوم فورا بخطة عاجلة لتصغيرها حيث أتناول حبة بنادول إكسترا وينتهي الأمر!، والرؤوس ذات المقاسات المختلفة التي أشار لها معالي رئيس هيئة الفساد أكثر من أن تعد وأن تحصى لذلك فإن المهمة التي تواجه معاليه كبيرة ومتشعبة، وأنا لا أشك بأن القطاع الأكبر من المواطنين والعلماء والإعلاميين على أتم الاستعداد للتعاون مع الهيئة في الكشف عن مواضع الفساد ولكن المسألة تتعلق بقدرتها على التفاعل وعلى شعور المسؤولين والعاملين فيها بأن مهمتهم لا تقبل أنصاف الحلول ولا الإجراءات الرمادية (فإما الأبيض.. وإما الأسود؟!).كل الناس يحفظون عن ظهر قلب تفاصيل المعادلة العجيبة التي تتلخص في أن الطفرة المالية الهائلة التي أنعم الله بها على هذه البلاد وأهلها كافية لتحقيق قفزات تنموية من شأنها أن تنقلنا إلى مصاف العالم المتقدم ولكن هذه القفزات لا تحدث أبدا لأن رؤوس الفساد الكبيرة والصغيرة والمفلطحة عادة ما تقفز فوق الجميع في لحظة خفية وتتحول القفزة التنموية إلى مجرد عبارة فخمة تدور في إحدى المؤتمرات الكبرى دون أن تخرج من باب القاعة إلى الشارع، ونجاح هيئة مكافحة الفساد لن تصنعه البيانات الصحفية ولا العبارات الفخمة، فالناس تريد أن تلمس هذا النجاح وتراه بالعين المجردة في الجامعة والطريق والمستشفى والمطار والحديقة والمدرسة والمسجد والجمعية الخيرية والمنتجع البحري والمخطط السكني.الناس ببساطة يطرحون أسئلة يومية صغيرة ملخصها: لماذا حدث ذلك؟ من فعل كل هذا؟ وكم كلفة كل هذا العبث؟ ودور الهيئة يتلخص بالإجابة على كل هذه الأسئلة بوضوح ومطاردة كل علامات الاستفهام المختبئة هنا وهناك، والأسئلة الصغيرة غالبا ما تؤدي إلى أسئلة كبيرة، ورجل الديك تأتي بالديك الآخر كما يقول المثل الشعبي.. عموما سوف ننتظر خلال الشهرين القادمين أن تكشف الهيئة عن واحد من رؤوس الفساد الكبيرة كي نعرف أنها بدأت مهمتها بالفعل!  

خلف الحربي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق