الأحد، 19 فبراير 2012

ما يميز المشاريع الحكومية

وضع المشاريع لدينا في البلد مزري لأبعد الحدود وقد يكون هذا الكلام ليس بجديد عليك.
مشكلة المشاريع لدينا في البلد مشكلة تراكمية ليست وليدة اللحظة ولها عدة مسببات ويشترك فيها عدة جهات. طبعا هذا لا يعني انه لا يوجد حلول لهذه المشكلة بل يوجد حلول وبسيطة جدا، ولكن تحتاج الى قرار سيادي يدعم من يساهمون في ايجاد الحلول. بودي قبل ان أبدأ بذكر الأسباب والحلول دعني استعرض معك ما تتميز به مشاريعنا الحكومية ومن ثم ندخل في صلب الموضوع، من المؤسف أن مشاريعنا تتميز بالتالي:
أولا: تكلفة عالية جداً، وجوده سيئة جداً.
ثانيا: لا تنفذ المشاريع وفق التكلفة التقديرية المخصصة.
ثالثا: التعثر والفشل تعتبر السمة السائدة على أغلب المشاريع الحكومية، حيث يوجد اكثر من أربعة آلاف مشروع متعثر والقائمة في ازدياد.
رابعا: عمر افتراضي أقل بكثير عما هو متوقع.
خامسا: عدم وجود أي عائد استثماري تعود به هذه المشاريع.
سابعا: غير مدروسة من الناحية التصميمية وذات تمدد افقي يستهلك مساحات ومسطحات كبيرة من الاراضي بدون أي فائدة.
ثامنا: لا يوجد لها صيانة وان وجدت فهي ضعيفة جدا ولا توجد لها متابعة، بل إن أغلب عقود الصيانة يتم التعامل معها على أنها عقود نظافة.
تاسعا: تتميز بالعشوائية والفوضوية وعدم الاهتمام بأدنى مستويات التخطيط، وماشيه على قاعدة (طقها والحقها).
طبعا المميزات وللأسف الشديد كثيرة، ولكن اعتقد ان هذا أبرز ما يميزها لدينا، إما بالنسبة لأسباب هذه المشكلة أو سمها المصيبة فسأذكرها بشكل عام وبعدها نستعرض الحلول ان شاء الله.
أولا: لا يوجد في البلد جهة مرجعية تتولى عملية تنظيم وادارة القطاع الهندسي؛ كوزارة أو هيئة مثلاً كما هو مطبق في أغلب دول العالم، بل من المؤسف اننا قبل عشرين سنه كان لدينا وزارة للأشغال العامة كانت تعنى بمسؤولية متابعة المشاريع الحكومية ولكن تم الغائها.
ثانيا: عدم الأهتمام بالمهندسين وأيجاد نظام لتأهيلهم وتحفيزهم والتعامل معهم على انهم مهنيين، يتم تقديرهم وتحفيز المبدع منهم، تجد المهندس الحكومي لدينا وللأسف الشديد من أضعف الناس من الناحية الفنية نظرا لعدم تأهليه وتطويره وايجاد البيئة التظيمية المناسبة له، بل من المؤسف أن رواتب المهندسين تعتبر من أقل الرواتب على مستوى الدولة، ولا يوجد لهم كادر وظيفي كما هو معمول في بعض الوزارات الاخرى! بل الأدهى والأمر ان يتم تسليم مهندس حديث التخرج ادارة مشروع وقد تصل في كثير من الأحيان الى عشرين مشروع في آن واحد، مع العلم أن هذا لا يحصل في أي بلد من بلدان العالم حتى في بنقلادش ويحصل عندنا وللأسف الشديد.
ثالثا: افتقار الجهات الحكومية للكفاءات المؤهلة وذات الخبرة الجيدة التي تستطيع الاشراف على المشاريع وهذا عائد الى الاسباب السابقة، مع العلم ان القطاع الحكومي في الدول الاخرى يستقطب أفضل الكفاءات ويدفع افضل الرواتب نظرا لكونه جهه اشرافية يجب ان يحوي أفضل الكفاءات.
رابعا: لا يوجد هيكلية تنظيمية لإدارات المشاريع الحكومية وإن وجدت فهي روتينية غير تنفيذية.
خامسا: عدم تطبيق منهجية معهد ادارة المشاريع العالمية pmi بل ان كثير من مهندسي القطاع الحكومي لا يعلمون عنها شيئا، طبعا منهجية معهد ادارة المشاريع لا يمكن ان يتم تطبيقها في ظل الظروف الحالية في القطاع الحكومي لكن أوردته كأحد الاسباب.
سادسا: لا يوجد نظام لضبط ومتابعة الجودة الفنية في ادارات المشاريع بل ان الاعتماد الرئيسي يكون على استشاري المشروع ان وجد.
سابعا: الاختلاف الجوهري بين المخططات والمواصفات وجداول الكميات الخاصة بالمشاريع، وهذا الكلام يعرفه جيدا أغلب المهندسين طبعا الاختلاف ناتج بسبب ضعف التصميم وضعف التصميم ناتج بسبب ضعف المهندسين، سواء كان التصميم من قبل الجهة الحكومية أم من جهة اخرى.
ثامنا: غياب الجهات الرقابية عن تنظيم وهيكلة ادارات المشاريع الحكومية وايجاد الضوابط المنظمة لها وآلية متابعة تنفيذ هذه المشاريع.
تاسعا: عدم وجود تنسيق واضح ومسبق بين الجهات المعنية في تنفيذ هذه المشاريع، وإن وجد فهو تنسيق عشوائي لا يمت للواقع باي صلة، من المضحك أن تجد بعض الجهات الحكومية تصمم مشاريعها على اراضي افتراضية غير موجودة أصلا وتطرحها للمنافسة العامة.
عاشرا: ضياع وتشتت المهندسين بين القطاعات الحكومية وهذا أيضا راجع للأسباب السابقة.
حادي عشر: عدم وجود تنسيق وتبادل للخبرات بين ادارات المشاريع في القطاع الحكومي وتوحيد للجهود المبذولة، بل ان كل ادارة من ادارات المشاريع تعمل بطريقة تختلف عن الاخرى.
ثاني عشر: عدم الاستفادة من التجارب العالمية في هذا المجال وهذا السبب اعتقد عائد ايضا للأسباب السابقة.
ثالث عشر: غياب مفهوم الثقافة الهندسية وأهمية تشجيع ممارسة التخصص بالشكل الصحيح.
طبعا الاسباب كثيرة ولكن بوجهة نظري هذه أهم الاسباب، وتبقى الحلول سوف نستعرضها قريبا ان شاء الله في تغريدات قادمة


م. محمد العنزي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق