السبت، 25 فبراير 2012

أين تذهب فلوس الحكومة؟

بئر الحكومة


علي سعد الموسى

 

 لا يمكن لأي منطق رياضي أو عقلي أن يتدبر كيف يهضم هذه الحقائق: ترميم مبنى الإدارة الحكومية يرسو بالمناقصة على المتقدم الأرخص بتكلفة ما يقرب من مليونين ونصف المليون ريال. والمبنى برمته، دوران وملحق ولا تزيد مساحته على 2500 متر مربع. نحن نتحدث عن "رمرمة" لا بناء. عن مجرد حملة شاحنة ضخمة من المعجون والدهان والبلاط وبعض مواسير الماء والتوصيلات الكهربائية.في المناقصة الأخرى، تبلغ تكلفة حفر البئر في قرية نائية مليونا وثمانمئة ألف ريال بعمق 40 مترا في جوف الأرض. المواطن المسكين وفي الطرف الآخر من ذات القرية، وبإمكاناته الخاصة، كحارس قديم ومتقاعد للمدرسة يحفر بئره الخاصة على عمق 30 مترا بستين ألف ريال، وفي أسوأ الأحوال قد يصل إلى مئة ألف كي يصل لعمق ومستوى – بئر الحكومة – التي كلفت مليونا وثمانمئة ألف – ومن المفارقة المضحكة أن الأفغان الأربعة هم من يحفرون بئر الحكومة مثلما هم من يحفر بئر المواطن. هم مع الحكومة مقاول من – البطن – العاشر وهم مع المواطن المسكين مقاول من الظاهر أو – البطن – الأول. المواطن الذي حفر بئره مباشرة دون رتوش يطلب قرضا من البنك الزراعي بعشرين ألف ريال وحتى اللحظة مهرت أوراقه ثلاثة عشر توقيعا بينهم توقيع شيخ القبيلة، أما المستخلص النهائي لبئر الحكومة فبأم عيني الاثنتين كان 763 ألف ريال وعلى ذمتي فإن (63) منها ستذهب للأفغان أما البقية فتذهب.... ولكم أن تكملوا بقية الجملة.اليوم (سأشقلب) لكم الكلمات التي تأتي على الدوام في سؤال الجميع البدهي: أين تذهب "فلوس" الحكومة؟ السؤال الصحيح: من أين تستطيع الحكومة أن تأتي بكل هذا الكم من الفلوس؟ كيف تستطيع الحكومة أن تدبر كل هذه المبالغ إذا كان المواطن يحفر بئره مع ذات المقاول بألفي ريال فيما هو ذات المقاول الذي يحفرها للمقاول الأصل ولكن بثمانية عشر ألف ريال للمتر الواحد. إذا كان المواطن يبني قصره الفاخر بمليوني ريال من القاعدة حتى الخزان العلوي، فيما الحكومة ترمم المبنى الحكومي المجاور بمليوني ريال ونصفه. وحتى هذه اللحظة من حياتي حسبت كل مداخيلي من الدراسة الابتدائية للدكتوراه ومن كل ما حولها و(حواليها) فوجدت أنها، ومن اليوم الأول لكل هذا الكدح والردح أقل من مداخيل بئر ونصف من مقاولات آبار الحكومة التي ينجزها المواطن المقاول في شهرين. كل ما في حسابي اليوم، ويشهد الله، أقل من قيمة مواسير الترميم لمبنى الحكومة. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق