الخميس، 2 فبراير 2012

تصدقوا على فقرائكم وما زاد للخارج

الفقر والجمعيات الخيرية

 

تغيَّرت معالم الحياة كثيرًا، وأصبحت أساسيات الأمس ثانويات اليوم، وعشنا معها في جدل واسع ما بين تسارعها، وتباطئنا في فَهْمها.
كل شيء من حولي أشاهد تغيُّر ملامحه، حتى البشر! لم تعد الوجوه كما كانت، ولم تعد الابتسامات تحمل معاني الصدق.. حتى الشقاء أصبح له أجندة خاصة!
ومع هذه التغيرات، والتطورات، والتحورات، بقي وحيدًا، في زاوية النسيان، لا أحد يسأل عنه، أو حتى يسامر وحدته، أو يعينه على مسايرة التطور المحيط به!
إنه الفقر..!
لا يزال الفقير بيننا من لا يجد لقمة العيش!؟ أو الهدمة التي تستره!؟ على الرغم أن المنطق يقول غير ذلك، وتعريف الفقر كان يجب أن يتطوَّر كما تطور غيره، ومع ذلك فالفقراء بتعريفهم "الثابت" يوجدون بيننا!!
في أحد المساجد وقف مسِنٌّ أمامنا بعد الصلاة، وبصوتٍ مخنوقٍ، يملؤه الأسى والحسرة، قال: لقد آذانا البردُ أنا وأسرتي، ولا نرجو منكم إلا فضلات ما تُدفئون به أنفسكم من ملابس، ومفارش!!؟
ثم مسح دموعه، وجلس مكانه في أول المسجد "على غير عادة من يطلبون في المساجد"!
عرفتُ فيما بعد أن هذا المُسِنّ أحد ساكني تلك الحارة، وأن ظروفه صعبة للغاية، ولم يعتد السؤال؛ فتصرف بهذا التصرف المؤلم!
حرصتُ أن أقترب منه بعد انفضاض الناس من حوله لأسأله عن الجمعيات الخيرية، ودورها في مساعدته. سألته فردَّت تعابير وجهه المتألمة، ولسان حالها يقول: أسمع جعجعة ولا أرى طحينـًا!
ما نشاهده في المساجد، وعند الإشارات، وفي الأسواق من انتشار لأهل الحاجة "المادية" يدل على أن هناك هوة كبيرة بين الجمعيات الخيرية وهؤلاء المحتاجين! على الرغم من أنها لم تُنشأ إلا من أجل مساعدتهم!
ولو كانت الجمعيات الخيرية مفعَّلة بطريقة صحيحة لما رأينا في البلد محتاجاً واحداً.
هناك بعض الهيئات والجمعيات وصل خيرها - حسب تقاريرها - خارج الوطن، وبالمنطق ولغة الفقر فإن أهل الدار أولى بكل ذلك، وإذا قضيتم على الفقر هنا فلا بأس أن يصل فائض الصدقات للخارج.
ولو أن هناك تركيزاً على دور الجمعيات الخيرية في القضاء على الفقر "الحقيقي" لتغير مفهوم الفقر برمته. ولا أتحدث هنا عن تسديد إيجار، أو فاتورة كهرباء، أو غيرها من المعونات العينية التي تصل للمحتاجين، بل عن استغلال إمكانات الأُسَر المحتاجة بتعليم أبنائها التعليم المهني الصحيح، الذي يستطيعون من خلاله تحسين دخل أسرتهم؛ وبالتالي التخلص من الفقر للأبد.
إن وجدت الأسرة المحتاجة مَنْ يعينها اليوم فلن تجده في الغد.
يجب أن يتم القضاء على الفقر في بلد الخير؛ فالميزانيات المعلنَة في السنوات الأخيرة كفيلة بالقضاء عليه، وبكل سهولة.
وعلى ذكر الفقر، وتخلفه عن ركب التطور، فقد صرَّح سمو وزير الشؤون البلدية بأن فرض رسوم على الأراضي البيضاء "حرام شرعًا"! سمعاً وطاعة، ولكن يا سمو الأمير الأشد حُرمة ما يفعله تجار العقارات بشباب الوطن؛ فهم يمتلكون مئات الكيلومترات، ويسكنون مثلها، "ونصف" المدن أراضٍ بيضاء لهم، وبكل ذلك يتحكمون في أسعار العقار؛ فمن لنا يا تُرى!؟ والله يا سمو الأمير هذا هو الحرام بعينه!؟ حرام ما يفعل "ويُفتعل" بشباب الوطن "الفقراء"

عبد الله عامر القرني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق